Monday, June 26, 2023

رمسيس الثاني

 طالما كان لدي شغف بأن أقرأ و أبُحر في آثار و معالم العصور القديمة، الاطلاع على علومهم و حضارتهم كانت دائماً محط فضول فكيف كانوا يعيشون ما هي أولوياتهم و ما هي إنجازاتهم التي يفتخرون بها، كذلك إلى ماذا يدينون و ماهي معتقداتهم؟

بينما كنت أتجول في معرض الكتاب بالرياض، قررت أخيراً أن اطلق العنان لهذا الشغف و أن أبحث عن كتاب لعله يروي ظمأ  بعض التساؤلات التي تخالجني و لعله يكون منطلق الفضول. وقعت عيني على كتاب بعنوان "رمسيس الثاني" للكاتب محمد محي، رغم فضولي للتعرف علي الحضارات القديمة إلا أنه لم يكن لدي الاطلاع الكافي عن الحضارة المصرية القديمة و لا عن علم المصريات، اعتمدت في تقييمي للكتاب على الآراء المدونة على موقع "قود ريدز" و هو ما اثار حماستي لاقتنائه

الكتاب يأخذك في رحلة بداية مؤسس الاسرة الثامنة عشر "أحمس الأول أو الأكبر" طارد الهكسوس و معلناً استرداد أراضي الدولة المصرية القديمة و رد اعتبارها، خلفه من بعده ابنه "تحتمس الأول" و "تحتمس الثاني" تبعهم بطلها الاسطوري "تحتمس الثالث" و الذي على الرغم من صغر سنه حينها إلا آنه تصدى للهكسوس بعد محاولتهم غزو الآراضي المصرية مرة أخرى معتقدين أنه مع حداثة سن تحتمس الثالث ستكون الكفة راجحة لهم، تحتمس الثالث يعتبر قدوة لحكام الدولة المصرية الذين توالوا من بعده

استمرت الدولة المصرية في ازدهارها حتى عصر "أمنحتب الثالث" و التي امتازت بوجود التحالفات، خلفه بعده ابنه "أمنحتب  الرابع" أو كما أصبح يسمى لاحقاً "إخناتون" و الذي سلك منهج الاعتزال و التعبد حيث شرع بتغيير ديانة الدولة من عبادة آمون و الآلهة الأخرى إلى عبادة آلهة قديمة عمرها آلف سنة آنذاك تسمى "أتن-آتن" و ليس عبادة الله الأحد الواحد كما هو شائع. على عكس أسلافه عانت الدولة من التشتت و الفساد في زمنه لعدم التفرغ و التصدي للعدوان الخارجي 

 من بعد زمن "إخناتون" تخبطت الدولة المصرية و لكنها في الوقت ذاته بدأت بالعودة لديانتها القديمة تدريجاً حتى استعادت قوتها في زمن آخر حكام الأسرة الثامنة عشر "حور إم حب" مع وزيره "رمسيس الأول" مؤسس الأسرة المصرية التاسعة عشر و هو جد رمسيس الثاني

 لم يظل "رمسيس الأول" على عرش الحكم نظراً لكبر سنه و قد خلفه ابنه "سيتي" والد "رمسيس الثاني" و الذي ازدهرت الدولة في زمنه حيث أنه كان قائد للجيش سابقاً. كان "رمسيس الثاني" مقرباً جدا من والده الذي حرص بدوره علي تعليمه و تدريبه و إشراكه في الحروب معه و أولاه ثقته التامة. ورث "رمسيس الثاني" الحكم بعد وفاة ابيه "سيتي" و قد ان في العشرينات من عمره حينها. كان مفعم بالنشاط و الحماسة فما لبث أن أصبح على عرش الملك حتى انطلق بجيشه إلي معركة ملحمية مع الحيثيين في "قادش" و التي رغم خسائره الفادحة فيها انتصر على الحيثيين و حلفاؤهم 


 كنت أتسائل حينها إذا كان زمن "رمسيس الثاني" زمن حروب وفتوحات ما يشابه زمن جده و أبوه و أسلافه، فما الذي جعل اسم "رمسيس الثاني" يبرز و يخلد بهذا الزخم؟

في رحاب هذا الكتاب نجد الجواب الوافي في محطات 

أولاً: فترة حكم "رمسيس"الثاني" تعتبر من أطول فترات الحكم في زمنه فقد اعتلى العرش يافعاً و ترك الحياة كهلاً
 
 ثانياً: اشتهر بكثرة الابناء حتى آنه كان له اكثر من ولي عهد و قد ماتوا قبل رحيله

ثالثاً: فترة حكمه اتسمت بالحروب و الغزوات في بدايتها و فترة صلح و هدنة في نهايتها حتى أصبح يشاع أنه في زمنه وثقت 
أولى الهدنات

رابعاً: اشتهرت فترة "رمسيس الثاني" ببناء و ترميم العديد من المعابد و المقابر الملكية تحت اشراف أحد ابنائه "خع إم واست" و كان هذا نتاج ما نراه اليوم في زمننا من آثار كثيرة مثل معبد أبو سمبل

 خامساً:كثر اللغط حوله إذا ما كان هو فرعون النبي موسى عليه السلام و قد ناقش الكاتب الفرضية بإسهاب كما أنه دعمها بالأدلة

سادساً: نُهبت مقابره و أملاكه بعد وفاته في الزمنين القديم و الحديث

الكتاب جداً شيق و ثري بالمعلومات و مدعوم بالمصادر، استمتعت جداً في قراءته فكنت تارة اقرأه و تارة أبحث و أستزيد و أبحر في المعلومات التي يسردها الكاتب عن الشخصيات و المقابر و المعابد و المعارك

قراءة ممتعة لكل من سيقتنيه 




رمسيس الثاني

 طالما كان لدي شغف بأن أقرأ و أبُحر في آثار و معالم العصور القديمة، الاطلاع على علومهم و حضارتهم كانت دائماً محط فضول فكيف كانوا يعيشون ما ه...